إن الحسد يتم وقوعه على شيء ليس بشرط أن يراه الحاسد، كما أن العين يكون مصدرها خبث النفس، ولكن الحسد يكون نابع من خلال ضيق القلب وأيضًا استعظام الخير المنال من المحسود. كيفية الإصابة بالعين ؟ إن العين الصائبة للإ...
Thought Leadership • 12 June, 2019 تُعد سفانة دحلان من بين أول عشر محاميات مُنحن الإذن لممارسة القانون في المملكة العربية السعودية. وهي أيضًا رئيسة ومؤسسة "تشكيل" - وهي مؤسسة اجتماعية مقرها السعودية تقوم باحتضان وتسريع وتشجيع رواد الأعمال المبدعين. خطوةٌ إيجابية وحيوية نحو مستقبلٍ واعد، تمثلت في الإعلان عن قرار وزارة التعليم تعديلَ برنامجِ خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وتحديثَه، ليشمل اختصاصاتٍ جديدة لم تكن ملحوظة من قبل، مثل: الذكاء الاصطناعي، الأمن الإلكتروني، النقل الجّوي والصحة. ولا شك أن تطويرَ أساليب التعليم من الأمور الأساسيةِ المطلوبة لتحقيق التحوّل المنشود والذي عُبّر عنه في رؤية 2030، إذ لا يمكن تحقيقُ أهداف الرؤية دون إيجاد قوةٍ عاملةٍ محلية متعلمةٍ ماهرةٍ وعصرية. لكن، بين الرؤية والتطبيق فجوةٌ تكادُ لا تفهم ولا يستوعبها عقلٌ أو منطق! فعلى سبيل المثال، تضمنت رؤيةُ 2030 آفاقاً إنسانيةً جديدة، وبُعداً حضاريّاً غير مسبوق، وتوجيهاً لأجهزة وقطاعات الدولة كافة لنبني نظرةً شموليةً محققة للآمال، فنجد مثلًا، منصةَ وزارة التعليم تطلق تقريراً بعنوان "التعليم 2030 والتنمية المستدامة، ضمانُ التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيزُ فرص التعلم للجميع مدى الحياة".
ختاماً، ففي الوقت الذي تقوم معظمُ الدول المتطورة بإعادةِ هيكلةِ مفهوم التعليم للحدّ من التميز وليكون أكثر شموليةً تماشياً مع أحد أهدافِ التنمية المستدامة للأمم المتحدة، نجدنا نحن نضعُ قيوداً - ربما كانت لها مسبباتُها الإدارية والتشغيلية - لفرض نوعٍ جديدٍ من التميز على أساس العمر. وهذا ما يذكّر بالتمييز بين الجنسين الذي واجهني شخصياً عام 1996 لمّا كانت دراسةُ القانون في المملكة حكراً على الذكور فقط، ما أرغمني، حينَها، على الانتقال إلى الخارج لمتابعة شغفِي لدراسة القانون وعلى نفقتي الخاصة، تحقيقاً لطموحي، إذ اعتُبرتُ، يومها، غيرَ مؤهلةٍ للحصول على منحة دراسية لأنّ القانونَ لم يكن ضمنَ التخصصاتِ التقليدية المدرجة للمرأة، لكن، بفضل االله وحكمةِ قيادتنا الرشيدة، سُمح للمرأة بدراسة القانونِ بعد ذلك التاريخ بسنوات!
وهذه نقلةٌ إيجابية ودعوة للجميع ليتسلحوا بالعلم على مدى حياتهم. وكغيري، تفاءلتُ وعقدتُ العزمَ على تلبية هذه الدعوة الوطنية، التي تلبي طموحاتي وتتوّج خبرةً عملية اكتسبتها على مدى خمسة عشر عاماً من حياتي، ذلك من خلال تقدّمي ببحثٍ علمي متعمق يخدم هذا القطاعَ الذي تمرست به. فباشرتُ بتعبئة الطلب)النموذج الخاص( للالتحاق ببرنامج الابتعاث، بعد حصولي على قبولٍ للالتحاق بكلية الثقافة والإعلام والصناعات الإبداعية في جامعة كينغز كوليج في بريطانيا، لإنجازِ دراسةٍ موضوعُها "المعّوقات التي تواجه تنميةَ الصناعاتِ الإبداعية في المملكة العربية السعودية، والتعمقُ في أثر انتهاك حقوق الملكية الفكرية وانعكاساتِها على الاقتصاد يستهدفُ البحث أن يكون الأولَ من نوعه في العالم العربي لندرة المعلوماتِ والبحوثِ المتعلقة بالصناعات الإبداعية في الشرق الأوسط، ويعتبر القطاعُ الإبداعي واحداً من القطاعات التي أعيد تصنيفُها عالميّاً بعد أن برزت أهميتُها لتلبية احتياجاتِ العصر وتعزيزالتنميةِ المحلية المستدامة. لكن المفاجأةَ كانت حين اكتشفتُ أن أحدَ شروط القبول في البعثة الدراسية لشهادة الدكتوراه -وهي درجة علمية بحثية بحتة- ألا يتعدى سن ُّ المتقدم للحصول على الابتعاث الـ 35 عاماً.
الإبداعي". وتوصلتُ بعد تفكّرٍ عميق، أن اشتراطَ العمر في الشهادات البحثية غيرُ منطقي ولا أساس إنساني له، للأسباب التالية: أولاً: التعليم هو عمليةُ تعلّم لمدى الحياة، وليس من المنطقِ وضع حدّ لهذه العملية، إذ لا يمكن اعتبار أيّ شخص صغير جداً أو كبير جداً على التعلم. بالتالي يجب إعادةُ النظر في اشتراط العمر عند الانتساب إلى برامج الدكتوراه خاصة. ثانياً: إن دراسةَ الدكتوراه، وهي شهادة علمية بحثية، تحتاج إلى الخبرة، النضوج، والتفرغ. وأذكر أن أكثر الأساتذة الجامعيين تأثيراً فيّ كطالبة وفي زملائي كانوا أولئك الذين امتلكوا خبرةً عمليةً طويلة قبل التحاقهم بالكادر الأكاديمي، لقدرتهم على الربط بين النظرية والتطبيق، ولأنّ محاضراتهم لم تكن محصورةً في نص يمكن الحصول عليه في الكتب أوالمراجع الجامدة، بل كانوا ينقلون إلى تلامذتهم خبراتِهم العمليةَ الواقعية. إنّ وضعَ سقفٍ للعمر سوف يجبر الطامحين لإكمال دراستهم بالتتابع، وأن يحصّلوا شهاداتِهم واحدةً تلو أخرى كي لا يفوتهم قطارُ البعثة، دون إفساح الوقت لأنفسهم لاكتساب خبراتٍ من خلال التطبيق، وأخشى أن ذلك سوف يؤدي إلى وجود كادرٍ تعليمي ذي شهادات عالية ومتميزة نظرياً لكن بخبرة تطبيقية ضعيفة.
شركة مرتضى, 2024